مشكلة تفسير أسباب الإرهاب

“الناتو” يقترب أكثر من روسيا

الاتحاد الأوروبي يبتلع اتحاد المغرب العربي

الافتتاحية

هل تستفيد أحزاب الإسلام السياسي من تحولات حركة النهضة التونسية؟

  كتب المحرر السياسي
أعلن زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، في أيار الماضي، ان الحركة حريصة على فصل الدين عن الدولة، في خطوة غير مسبوقة في اوساط تيارات الاسلام السياسي التي تنتمي اليها النهضة، وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي إن النهضة ستتحول إلى العمل في الحقل السياسي فقط. قرار الحركة بالفصل الكامل بين العمل الدعوي والسياسي في عملها يعني أنها ستتجه إلى التخصص الوظيفي، بحيث تتفرغ للعمل السياسي الميداني وتحال بقية النشاطات إلى المجتمع المدني.

ابحث في الموقع

التصويت

ما هو رأيك بالتصميم الجديد لموقع جريدة الجريدة؟
 ممتاز
 جيد
 مقبول

الساعة الآن

تفاصيل الخبر

“خارج الخدمة”’.. رؤية سينمائية مصرية مخيفة للتدهور


2016-01-31

 أمير العمري
يقدم الفيلم المصري "خارج الخدمة" للمخرج محمود كامل شهادة فنان على عصره، من خلال أسلوب المخرج الخاص الذي نضج كثيرا ودخل منطقة أعمق، بلغة سينمائية أكثر قدرة على التعبير عن الواقع، وأكثر اقتصادا وبلاغة في استخدام الصورة والحركة والموسيقى والأداء التمثيلي.
يستند الفيلم على سيناريو كتبه عمر سامي، لا يروي قصة ذات مغزى اجتماعي، تتضمن حكمة أو مقولة أخلاقية مباشرة، بل يكشف حالة نفسية ومزاجا عاما سائدا يشيان بما وصلت إليه الحالة المصرية من تدهور على مستوى العلاقات بين الأفراد.
هذا فيلم عن الانفصال بين الإنسان والواقع، وبينه وبين من يتحكمون في صنع القرار، انفصاله عن مجمل السياسات الجارية التي تصعد وتهبط، دون أن تؤدّي إلى تغيّر ملموس في حياة البشر.
هنا تصبح العدمية اختيارا، ويكون الغرق في غيبوبة المخدر قرارا واعيا، حيث يصوّر الفيلم الحالة العبثية والرغبة في الهرب من الواقع، التي تجمع شابا من الطبقة الهامشية في المجتمع، وامرأة من البورجوازية الصغيرة كلاهما فقدا الأمل في رؤية أي تغيير حقيقي.
الشاب سعيد ضائع، هائم على وجهه، أدمن المخدرات فأصبح أسيرا لها، يسير غائبا عن الوعي، يتحدث بصعوبة، ويجاهد لكي يقف على قدميه، فيلجأ إلى السرقات الصغيرة للتحايل بغية سدّ حاجته من المخدرات، وقد تراكمت عليه الديون وأصبح مطاردا من قبل من يمدونه بالمخدر.
ذات يوم، يسطو على مكان ما، لا يجد فيه سوى بعض التماثيل وصورة قديمة لجمال عبدالناصر، كما يعثر على ما يسمى بـ"فلاش ميموري" أو ذاكرة كومبيوتر.
يبيع الصورة والقطع الصغيرة مقابل مبلغ زهيد، ويعود ليفحص المواد التي تختزنها تلك القطعة الصغيرة، ليكتشف وجود لقطات لامرأة تقتل فتاة صغيرة، سيعرف بمساعدة أصدقائه الصعاليك، أنها تقطن قريبا من شقته المتداعية التي يغلق بابها على نفسه هربا من مطاردة تاجر المخدرات الشرير ممدوح الذي منحه مهلة قصيرة لردّ ما بدّده من مال، وإلاّ تعيّن عليه مواجهة مصيره.
يتوصل سعيد إلى شقة المرأة، يهددها بالإبلاغ عنها ويبتزها مطالبا بمبلغ ستة آلاف جنيه. المرأة تنظر إليه لا تجده خطرا بقدر ما ترى أمامها إنسانا بائسا، فتدعوه للدخول، لتبدأ علاقة غريبة بين الاثنين؛ هي علاقة تشكك وترقب وابتزاز من جانبه في البداية، ثم تتحول إلى سيطرة من قبل المرأة عليه، ثم شراكة بين سعيد وهدى التي تعيش وحيدة منذ وفاة زوجها قبل 18 سنة.
سعيد تدعوه هدى إلى تناول الشاي معها، ثم تعطيه مبلغا من المال وتطلب منه أن يشتري لها الحشيش، ويبدأ الاثنان رحلة تدمير ذاتي تدريجية، تجرب خلالها هدى كل أنواع المخدرات، يهددها سعيد بين حين وآخر، يقوم باغتصابها بالقوة مرة ومرتين، ولكنه يعود في كل مرة، ليجدها في انتظاره، لقد عثر سعيد لديها على المأوى والصحبة والرغبة المشتركة في تدمير الذات.
الأحداث السياسية المضطربة التي تشهدها البلاد تتابعها هدى من خلال ما يعرض على شاشة التلفزيون، بينما يبدو سعيد غير مبالٍ بما يجري، ولكن هدى مجرد متفرجة على الأحداث، وعندما تسأله بطريقة عابرة ذات مرة، عن رأيه في الحكومة وفي الإخوان، يردد كلاما إيجابيا عن الاثنين بطريقة آلية تكشف عدم مبالاته.
ومع تطور العلاقة والأحداث وصولا إلى الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، يكون الاثنان قد بلغا مستوى من الإدمان يشعر بموت قريب، لقد آثرا الانصراف تماما عما يحدث في الواقع، فلا شيء في الحياة يتغير بالنسبة لهؤلاء البشر.
يتطلع الاثنان في أحد المشاهد إلى شاشة التلفزيون، وفجأة ينفجر سعيد بالضحك، تنظر إليه هدى في دهشة، ثم تتطلع لتشاهد مجموعة من رجال الأمن يضربون رجلا بقسوة شديدة في ميدان التحرير، ثم يسحبون جسده ويلقون به في القمامة، دهشة هدى تزول لتنفجر بدورها بالضحك مع رفيقها.
مدخل الفيلم هو تلك الجريمة الغامضة، لكن سعيدا الذي يمني نفسه باستغلال الجريمة للحصول من هدى على مبلغ كبير يتكفل بتسديد ديونه، سيكتشف أن هذه الأمنية صعبة التحقق أيضا، فهدى كانت تلعب دورا صغيرا في فيلم من إخراج أحد معارفها. لم تكترث هدى لتهديده لها، ولم تحظر دخوله مسكنها حتى بعد اغتصابه لها، فقد شعرت بالحاجة إلى وجوده، ودربت نفسها على تطويعه وترويضه، إنها تكبره في العمر بشكل ملحوظ، وهو يعبر عن رغبته الجنسية من خلال العنف، ويتكرر اغتصابه لها، لكنه تدريجيا ومع الإفراط في الإدمان يفقد قدرته الجنسية دون أن يفقد إصراره على ابتزازها للحصول على المال الذي يكفل له اتقاء شرّ ممدوح وصبيانه.
هناك مشهدان جيدان في الفيلم لكابوسين من الكوابيس التي تطارد سعيدا ويعكسان ما يصدر عن خياله كمدمن، بل إن الفيلم بأكمله يبدو مثل رحلة داخل عقل مدمن، يهذي أكثر مما يتكلم، يسير بطريقـة لاهثة، مقوس الظهر، وكأنه يهرب من شيء يطارده طول الوقت، يحني رأسه، يهرش جسده، نظراته تائهة وعيناه غائرتان، تدريجيا أيضا تبدأ ملامح هدى في التغير، بعد أن تغرق في تعـاطي المخـدرات معـه إلى أن تسقـط مـريضة.
وفي أحد أفضل مشاهد الفيلم يتصل سعيد بصديق له من الطفولة، طبيب في زمن التدني، يناديه سعيد بمصطفى، أشعث الشعر واللحية، يرتدي ملابس رثة، ويقول إن الميكروباص الذي استقله قضى ساعة في الطريق بسبب الأحداث المتصاعدة في الشارع، يحمل كيسا من البلاستيك يخرج منه سماعة طبية وجهازا لقياس الضغط، وعندما يحتاج لكتابة الوصفة الطبية، يطلب من سعيد ورقة وقلما، ثم يدخل في مساومة معه على الأجر، بطريقة سوقية فظة.
الشخصيات القليلة في الفيلم تخدم الفكرة وتتيح الفرصة للتركيز على الفكرة الأساسية، والحدث السياسي يبدو فقط في الخلفية، وما يعرضه التلفزيون لا نسمعه تماما في معظم الأحيان، والصراع السياسي لا يعني هدى التي تكتفي بالمشاهدة، بل هي مدمنة مشاهدة، أما سعيد فهو مستغرق في هروبه الدائم، وسرعان ما يصل اليأس بهدى إلى أن تصبح هي أيضا مدمنة هروب بالمخدرات مثله.
والجملة الأخيرة في الفيلم التي تقولها هدى بعد عودتها من الخارج في ذلك اليوم المشهود إن "الشوارع لم تكن مزدحمة كما كانت تتخيل، بل يبدو أن الناس خائفون من النزول".
هنا يتعمق الإحساس بالانفصال عن الواقع، وسرعان ما تستغرق هدى في غيبوبة المخدر من جديد وينتهي الفيلم دون نهاية درامية مغلقة، وهو ما يشي باستمرار الوضع على ما هو عليه، فلا شيء يتغير في حياة المصريين.

المزيد من الاخبار

خريطة زوار الموقع

أحصائيات

عدد الزوار حاليا : 4
عدد زوار اليوم : 63
عدد زوار أمس : 266
عدد الزوار الكلي : 139006
مستشار العبادي يتهم متظاهرين بحمل “سيوف ومسدسات” الحسم “مرهون” بالمحكمة الاتحادية... عطلة البرلمان تؤخر جهود الحوار السياسي هل تستفيد أحزاب الإسلام السياسي من تحولات حركة النهضة التونسية؟ الالتفاف على الديمقراطية التشاركية في تونس مشروع البرنامج السياسي المقترح للاتحاد الديمقراطي العربي / الجزء الثاني الحركات التكفيرية وقابلية التوظيف: أزمات ذاتية وتراث مُشوّه انتخابات أَمْ تحوّلات في المجتمع الأميركي؟! أوجاع وآلام النخبة العربية الضائعة فرطت في ربيع شعوبها “ثلاجات اجتماعية”توفر الغذاء للمحتاجين في الأرجنتين