وجهة نظر

2016-02-21

   أحلام الجبوري
تمنيتُ لو عندي أنامل فنان لرسمتُ عيون طفلة تحجرت في مقلتها دمعة تنظر من فتحة خيمتها التي مزقتها الريح تمطر عينها نظرات حزن نحو الخارج.


  أحلام الجبوري
تمنيتُ لو عندي أنامل فنان لرسمتُ عيون طفلة تحجرت في مقلتها دمعة تنظر من فتحة خيمتها التي مزقتها الريح تمطر عينها نظرات حزن نحو الخارج.
وتمنيت لو عندي ملكة شاعر وقوافيه لنظمت وسطرت من حرارتي شعراً جارفاً عن رجل هرم تكاد عظام ظهره تخترق القميص، تتدحرج قدماه بين زحمة السيارات وسط الشارع، وبيد مرتعشة يحمل باقة ورد حمراء وفي عينيه نظرات توسل لمن يشتري وردة، وكأن الورد احمرّ خجلاً وحسرة عليه وفي عينيه استغراب وسؤال: هو يعرف منذ أن خلقه الله أن في السنة عيدين، العيد الصغير بعد رمضان وعيد الأضحى بعد عرفات فما بال الناس تحتفل اليوم وفي زحمة الأحداث ورحلة الأحزان وقوافل الموت والتهجير والأخبار المتضاربة عن غول الموصل ومتى فتح فمه ستغرق البلاد؟! ومتقاعد يدخل بخطى واهية يعلن عن راتبه الذي اغتصب منه كم ألف دينار.
عوائل وأطفال وشيوخ ونساء يتحسرون على مكان يحمون به أجسادهم من مسامير البرد التي تدق في أضلاعهم، الوحل يحيط بهم يأكلون من لحم بطونهم.
هؤلاء أيضاً عرفوا الحب، أحبوا الحياة والسلام وأحبوا الله وصلوا له، فهل يعني الوحيد الذي قتله الحبّ هو القديس "فالنتاين"؟ ومن أجل امرأة؟ وماذا عن الذين قتلهم حب الوطن وضحوا له وحب العقيدة وحب العيش بسلام وحياة كريمة؟
أيعني أن كلّ من يموت يُقام له نُصب وعيد!
أنا لست ضد أن يفرح الناس ومن يزيح عنهم "جادر" الحزن.. أنا لست ضد السعادة والحب، ولكن هذه السمفونية الجديدة التي تُعزف هذه الأيام لا يمكن أن تسعد أجساداً بسبب الظلم والخوف والجوع تحولت مثل سنابل عطشى بلا ماء أي ريح تهب تنثرها هباباً.
فلو جمعت يا سيدي كل الزهور الحمراء والدببة الحمراء بكل أحجامها فلن تسعد طفلة الخيمة وعقارب البرد تدبّ في قدميها الصغيرتين، وأيضاً لو قدمت كل زهور العالم إلى ذاك الشيخ الهرم لن تستطيع أن تبدل نظرة الحزن في عينيه والبرد يجتاح قميصه المتهرئ.
الجياع يا سيدي يحلمون بالطعام، والمعذبون يحلمون بالحرية والسلام، والعراة يحلمون بفراش وملابس دافئة.
فماذا لو جمعنا الطعام والسلام والأمان والدفء وأعلناها راية ترفع في مثل هذا اليوم، لكان الحب أحلى وأجمل.. وجهة نظر.
تهيئة الطابعة   العودة الى صفحة تفاصيل الخبر