عرض ومناقشة: د. محمد مخلوف تأليف :فرانسوا هايسبورغ
يؤكد مؤلف هذا الكتاب أن العولمة الراهنة عرفت بداياتها خلال التجزئة التي عرفتها فترة 1914-1989، وإن الحرب نفسها كانت وراء ولادة بعض "الحوامل" الأكثر دفعا نحو العولمة وخاصة ثورة المعلومات، ويتم هنا تحديد مصدرين أساسيين للعولمة، ومن طبيعتين مختلفتين تماما، هما: مؤسسات بريتون وودز وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من جهة، وثورة المعلوماتية من جهة أخرى.
كانت منظومة بريتون وودز قد تأسست عام 1944، وكانت تمتلك إلى جانب بعدها المالي والنقدي (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) بُعدا تجاريا تمثّل في اتفاقية ال"الجات" الخاصة بالمبادلات التجارية والتعرفة الجمركية، نجم عن ذلك "تحريرا" تدريجيا للتجارة الدولية عبر اتفاقية ال"الجات" حتى عام 1994 حيث حلّت محلّها منظمة التجارة العالمية. وخدم البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كضامنين ل"الأمن المالي العالمي".
وكان ذلك الجمع بين الإجراءات الليبرالية وتنظيم المبادلات الدولية قد سمح بتجنب بروز أزمات اقتصادية هائلة مثل تلك التي عرفها العالم الاستعماري منذ عام 1929 وحتى عام 1935. كانت هناك فقط فترات "ركود" اقتصادي كتلك التي عرفتها البلدان المصنعة خلال عامي 1973 و1975 إثر الزيادة الكبيرة في أسعار البترول. كما استجدّت بعض الأزمات الإقليمية الخطيرة في المكسيك عام 1994 وفي آسيا ما بين 1997 و1999 وفي روسيا والبرازيل. لكن لم يكن لتلك الأزمات الإقليمية كلها أي صدى حقيقي على المستوى العالمي، وبالتالي لعبت المؤسسات الدولية الدور المطلوب منها.
|