تفاصيل الخبر
متى نتعلم؟
2014-11-17
محمد أحمد
الحياة في حركة دائبة وتقدم مضطرد، ما يصلح اليوم قد لا يصلح غدا او قد يكون قاصرا عن الوفاء باحتياجاته، لهذا نرى القيادات الذكية والنبيهة في الدول المتقدمة حين تخطط فانها تفكر لمديات طويلة قادمة قد تكون لعشرات او مئات السنين، لان الشعوب دائمة البناء والتطوير على وفق متطلبات العصر وما تبلغه من تقدم، وما يبنى اليوم ينبغي ان يلبي احتياجات الغد البعيد بما يتوافق وزيادات السكان وما تبلغه من مستويات حضارية او رخاء اقتصادي.
ان هذا يمكن الشعوب من استثمار ما يتجمع لديها مستقبلا من جهود وفائض مالي لمشاريع حيوية اخرى تحتاجها في نهضتها وتقدمها وليس في هدم ما اقامته البارحه لتوسيعه وتحديثه لعجزه عن الارتقاء لمتطلبات اليوم واقامة البديل على وفق المستجدات وتبعا لتطور الحاجات الانسانية.
لتقريب الصورة اذا ما كان لديك ألف سيارة الآن وتخطط لفتح شوارع تتواءم واستيعاب هذا العدد وسيرها بانسيابية دون اختناقات ينبغي التفكير بفتح شوارع تستوعب الزيادات في عدد السيارات بعد خمسين او مئة سنة، لان الشوارع التي تقيمها الآن سينشأ على جانبيها مشاريع وعمارات ومن غير المجدي هدمها لزيادة سعتها لتستوعب الزيادات في عدد السيارات في المستقبل.
مجاري الصرف الصحي التي اقيمت في لندن او باريس مثلا منذ اكثر من مئتي عام اخذ المخطط لهذين المشروعين بنظرية الزيادات السكانية في هاتين المدينتين لعشرات السنين القادمة، ومع انصرام الزمن الطويل وحتى الآن لم تؤثر كل الزيادات في اعداد السكان في هاتين المدينتين على كفاءة هذين المشروعين.
هذه المقدمة الطويلة اسوقها للدخول الى صلب الموضوع وهو الحديث عن مجاري بغداد التي لم تمر عليها الا بضع عقود حتى اصبحت غير ملائمة او مناسبة مع احتياجات السكان والناجمة عن الزيادات في اعدادهم والتوسع في مساحة مدينتهم، وبدأت المجاري تعاني من الانسدادات والطفح وبخاصة ايام الشتاء عند هطول الامطار الناجم عن فشل المخطط لها في دراسة مقدار التوسع المستقبلي في المدينة بشكل سليم، والآن اصبحت عاجزة عن استيعاب الفائض من مياه الامطار وغدا موضوع تجديدها بما يتناسب والزيادات في اعداد السكان والتوسع في مساحة بغداد امر لا مناص منه.
تشهد بغداد وبعض المحافظات غرق الكثير من احيائها السكنية في مواسم الشتاء حين هطول الامطار بمعدلات تزيد قليلا عن المألوف لعجز المجاري عن استيعاب كميات المياه الزائدة، وناشئ عن انسداد الكثير منها لانعدام متابعة كفاءتها وضعف صيانتها واهمال الاجهزة المختصة للنهوض بمسؤولياتها ومتابعة الاستعدادات التي يقتضي اتخاذها مع بداية كل موسم امطار لتفشي الفساد وامتناع الاجهزة المختصة عن تلبية النداءات لمعالجة الاختناقات في مجاري بعض المناطق ما لم يتم جمع مبالغ من المال للعاملين لانجاز المهام الموكلين بها ويتقاضون الرواتب على اساس انجازها.
ونحن على اعتاب فصل الشتاء وما تنبأ به خبراء الانواء الجوية من ان الموسم الحالي سيشهد هطول امطار غزيرة وسينجم عنها تعرض بعض مناطق بغداد وبعض المحافظات للغرق لعجز المجاري عن تصريف كميات مياه الامطار الهاطلة ولحدوث عوائق وتكسرات وتكلسات فيها تمنع انسيابية المياه فيها، ما يقتضي التحوط من المفاجآت بنزول الامطار خارج معدلاتها على نحو غير مسبوق مما قد يعرض بعض المدن للغرق بمتابعة فتح المجاري وتنظيم عملها، والتصدي لحالات تقاعس بعض مشغلي مضخات الديزل عن مواصلة تشغيلها للتلاعب بالكاز المجهز لمراكز السحب في ظل غياب الرقابة والمساءلة.