تفاصيل الخبر
الكهرباء مشكلة “مستدامة”
2014-12-01
كتب المحرر السياسي
حاولنا استعارة مصطلح "مستدامة" الذي يطلقه خبراء الاقتصاد على التنمية باعتبار أن المجتمع بحاجة إلى تنمية دائمة، ولكن في بلادنا أصبحت أمثال هذه المصطلحات تُطلق بمعناها السلبي، بمعنى أنها تُطلق على المشكلات العويصة التي يبدو أن لا حلّ لها يلوح في الأمد القريب كما هي مشكلة الكهرباء في بلاد الرافدين التي توجد فيها مصادر الطاقة بكافة أشكالها، فيتوفر فيها: النفط والغاز والشمس الساطعة والمياه الوفيرة والرياح، وهي مصادر الطاقة المستخدمة في العالم المتمدن والمتحضر..
في الأسبوع المنصرم، صرّح السيد وزير الكهرباء "أنّ أزمة الطاقة الكهربائية ستنتهي خلال المدة الدستورية لحكومة السيد حيدر العبادي!"، ولا نعلم ماذا يقصد السيد الوزير من وراء تصريحه هذا، كما لم يعطِ للمواطن جواباً يمكن من خلاله معرفة المدة التي ستنتهي فيها هذه الأزمة، فنحن نعلم أن المدة الدستورية هي أربع سنوات ولاندري ـ حقيقة ـ إن كان يقصد انتهاء الأزمة في ربع أو نصف أو كلّ المدة التي سيشغلها العبادي رئيساً للحكومة!!
منذ العام 2003 والمواطنون يطالبون، بل يتوسلون، الحكومات التي تعاقبت على الحكم بحلّ مشكلة الكهرباء لأنها مقرونة بتطور الحياة وتقدمها. فالكهرباء كما يعلم الجميع لم تعد مقتصرة على مصابيح الإنارة، بل أنّ رقي الشعوب أضحى يُقاس بالاستخدامات المتعددة لها في جميع تفاصيل الحياة اليومية، ولعلّ واحدة من مقاييس التطور والرقي في الشعوب والأمم هي في مدى استهلاكها للطاقة الكهربائية، فضلاً عن أن الطاقة الكهربائية صارت جزءاً ضرورياً ومهماً للحياة اليومية بتفاصيلها كافة.
إنّ الاحصاءات الرسمية تشير إلى أنّ الحكومات المتعاقبة بعد التغيير أنفقت على قطاع الكهرباء (27) مليار دولار خلال المدة من عام (2004) إلى العام (2012). ونلاحظ أن المسؤولين عن هذا القطاع الحيوي والمهم يركزون على الأوضاع الأمنية غير المستقرة سبباً وحيداً في تخلف قطاع الكهرباء وعدم قدرة الوزارة في سدّ الطلب المتزايد عليها. ومع أننا لا ننكر تأثير الأمن على مجمل الخدمات بما فيها الكهرباء، إلاّ أن هناك أسباباً أخرى لا تقل أهمية تقف وراء هذه الأزمة لعلّ أهمها الفساد المستشري في هذا القطاع، ودليلنا على ذلك أن أكثر من وزير من وزراء الكهرباء هرب إلى خارج البلاد بعد انتهت مدة استيزاره بسبب الخروقات الكبيرة والفساد. يضاف إلى ذلك أن الوزارة تعاني سوءً في التخطيط ونقصاً في خبرة القيمين عليها، فتستورد الوزارة ـ مثلاً ـ مولدات تعمل بالغاز مع علم القائمين على مؤسسات الوزارة أن العراق يستورد غازاً بحوالي (14) مليار دولار من دول الجوار. والمفارقة الأكبر في هذا المجال أن انتاج البلاد من الغاز يصل إلى (1.5) مليار قدم3 يومياً يُحرق منها ما نسبته 40% وهي كمية تكفي لسد حاجتنا للكهرباء وللصناعات الأخرى بحسب تقديرات الخبراء.
إنّ حلّ مشكلة الكهرباء يتطلب القضاء على الفساد في هذا القطاع، فأحد عشر عاماً بعد التغيير كانت مدة كافية لحل هذه المشكلة، لكن الفساد واختيار المسؤولين وفق قواعد المحاصصة الطائفية هي من الاسباب الرئيسية لتخلف قطاع الكهرباء الذي ينعكس بدوره على جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية.