تفاصيل الخبر
الإرهاب يهزّ اسطنبول!
2016-01-17
اكتوت تركيا بنار الإرهاب، بعد أن ظن أردوغان أنه بمنأى عنه بدعمه لفصائل إرهابية عملت على تدمير سوريا والعراق تحت وهم الطموح والزعامة على المنطقة، وبنى حسابات خاطئة تماماً لتنفيذ وهم الخلافة عن طريق سياساته الاستعلائية وإيواء وتقديم الدعم المعلن لعصابات داعش في سوريا وغيرها، والمضمر في العراق، فانقلب السحر واتسع الرتق عليه، وسادت الفوضى وخرجت الأوضاع عن السيطرة، وانقلبت الأوراق على الطاولة التركية، في تزامن شديد الحساسية مع الأوضاع السياسية المعقدة في الداخل التركي وتصاعد المعارضة الداخلية لأردوغان.
وبينما لا تزال تركيا تعيش على وقع تفجيرات أنقرة التي أدت إلى سقوط أكثر من مئة قتيل وجريح، وقع انفجار السلطان أحمد بإسطنبول الذي وعلى الرغم من أن حصيلة ضحاياه كانت أقل من هجوم أنقرة، إلا أنه أشد وطأة على تركيا سلطة ومواطنين. فالتفجير، الذي نفذه الانتحاري (نبيل فاضلي) وتضاربت الآراء بشأن جنسيته وأثبتت التحقيقات أن "داعش" تقف خلفه، أدى إلى مقتل عشرة سياح من بينهم ثمانية ألمان، لا تقف تداعياته على اقتصاد تركيا الذي شهد انتعاشاً كبيراً خلال سنوات خلت بفضل الاستقرار الأمني وسياسة "تصفير المشكلات" التي اتبعها الرئيس التركي سابقاً وتخلى عنها لاحقاً، إنما أكدت أن تحذيرات المعارضة التركية من ارتداد العنف المصدر من أنقرة أو عبرها إلى دول الجوار أصبحت أمرا واقعا بدءا بتفجيرات سوروج على الحدود التركية السورية ومن ثم زحفها إلى العاصمة أنقرة فاسطنبول.
إن تركيا تدفع غالياً ثمن السياسات الخاطئة التي اتبعتها قيادته، فالغرور الشديد الذي طبع سلوك أردوغان في التعامل مع عناصر عراقية لتسويغ تدخله في الشؤون الداخلية للعراق والاتفاق معها، لا مع الحكومة العراقية، في إنشاء قاعدة عسكرية جديدة تنضم إلى القواعد الموجودة أصلاً في كردستان بحجة مكافحة الإرهاب تعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتهاكاً سافراً لسيادة بلد عضو في الأمم المتحدة وخرقاً فاضحاً لمبادئ حسن الجوار.
إن الشعب العراقي، ونتيجة لتراكم خبراته، بات يعرف أكثر من غيره الأهداف المضمرة للقيادة التركية التي سوغت تدخلها بطلب ساسة عراقيين لا يحق لهم دستورياً وقانونياً تقديم مثل هذا الطلب. فالعراقيون يدركون أن الحلم الاردوغاني بضم الموصل هو المحرك الأساس لهذا التدخل، كا أنهم يدركون أن الإرهاب لا تجتثه حكومة صنعته ومكنته ووفرت له المأوى والحاضنة.