تفاصيل الخبر
تحديات الدعوة لتشكيل حكومة الاصلاح الحقيقية
2016-03-20
يشير سياق الاحداث السياسية المتسارعة الى ان استمرارية حالة الفوضى والاضطراب والاختلال، والسير في طريق المجهول المحفوف بالمخاطر هي الخيارات المتاحة الأن في ضوء المعطيات التي تفرزها الصراعات والمواجهات والمناكفات بين اطراف الحكم، وهي نتيجة منطقية لحالة غياب وحدة الرؤى والتصورات والمواقف حيال ما يحدث على الساحة السياسية.
لقد حدث انقسام عميق وواسع بين مواقف القوى السياسية الممسكة بمقاليد الحكم وحركة الشارع المطالب بالاصلاح والتغيير، واختلاف فهم كل منهما لمعنى ومدى الإصلاحات، ومما يزيد الامر استعصاء التباين والاختلاف في فهم وتفسير المفردات السياسية التي يتداولها الشارع من جهة والقوى الحاكمة من جهة أخرى.
ان اختلاف المصالح وتعارضها يجعل من الاصلاح الذي تطالب به الجماهير أمراً غير وارد في ذهن الطبقة الحاكمة بسبب ما تحتكم اليه القوى الحاكمة من محاصصة وتقاسم نفوذ، إذ أنها حصرت دعوات الاصلاح والتغيير باستبدال بعض الوزراء بآخرين من ذات التركيبة السياسية، وهو أمر أفرغ مفهوم الإصلاح الشامل من محتواه.
إن التغيير والاصلاح الذي تنشده القوى الحاكمة وتعمل على ترجمته، لا يخرج عن خيمة النظام السياسي القائم على المحاصصة والطائفية السياسية المتسبب الرئيس بخراب البلد أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، فهذه القوى تكافح من أجل ديمومة بقائها في السلطة بما تجلبه عليها من منافع وامتيازات يمكن أن تفقدها في حال أُطيح بأسس هذه العملية، وغاية ما تريده من الإصلاحات إجراء بعض التنقلات في المناصب العليا.
على الجانب الآخر، فأن رغبة الشارع تجاوزت بمراحل ما يطرحه أقطاب العملية السياسية المتمسكين من جهتهم بعملية سياسية فُصّلت على مقاسات أحزابهم وكتلهم. وفي ظل هذه الظروف لا يمكن الجمع بين تطلعات الشارع ورغبات الأحزاب المهيمنة على السلطة إلاّ بمغادرة المحاصصة والطائفية السياسية والبدء بعملية سياسية تأخذ على عاتقها بناء دولة المواطنة التي تقوم على أساس العدل والمساواة وضمان حقوق الجميع.
ان الحقيقة الثابتة في اذهان سياسيي الحكم ان خسارتهم للمعركة الراهنة المحتدمة مع قوى الاصلاح الحقيقية يعني خسارة مصالحهم ونفوذهم التي يصعب استعادتها مستقبلاً، لان هناك حقائق سيتم تثبيتها على الارض، وتمد جذورها عميقا ولا يمكن اقتلاعها.
ان الخيارات المطروحة للتغيير لا تتعدى استبدال الشخص الذي انتهت صلاحيته بآخر من ذات الفصيل او الجماعة، لعبور المرحلة الطارئة التي تضغط باتجاه الاصلاح الحقيقي الشامل لامتصاص النقمة الجماهيرية وتهدئة فورانها، كي تعود إلى ما اعتادت عليه من سياسات.
ان الرهان على اقطاب المحاصصة بالتخلي عن برنامجهم الذي جلب لهم الكثير من المكاسب والمنافع وجعلهم في صدارة الحكم امر اقرب الى المستحيل ونوع من الاسراف في التفاؤل، واذا ما ضاقت السبل امامهم ومارست قوى التغيير ضغطا خارج قدرة تحملها، فان وسائل التهرب من استحقاقات التغيير متاحة امامهم ويمكن اللجوء اليها عند الضرورة.
اذا ما اراد رئيس الوزراء حقا الاستمرار في برنامجه الاصلاحي فعليه المشي طريقا طويلا وشائكا تتخلله المصاعب والعوائق والالغام، ولكي ينجح في عبورها فانه مطالب باتخاذ عدد من الاجراءات والخطوات الصعبة تجاه المتحاصصين، والتهيؤ لاتخاذ قرارات صعبة بتبني برنامج مدني اصلاحي واضح ينأى عن المحاصصة، وتفعيل قانون النزاهة بتقديم رؤوس الفساد للعدالة للقضاء كي ينالوا جزاءهم العادل، والبدء بالاجراءات التي من شأنها الارتقاء بمستوى الخدمات التي تمس الحاجة إليها، لتكون حافزا في التفاف الشعب من حوله في استمرارية السير في طريق خياراته الاصلاحية.