تفاصيل الخبر
التحديات الكبرى أمام موازنة العام الحالي
2016-01-24
بنشرها في الجريدة الرسمية يوم الخميس الماضي، أصبحت موازنة عام 2016 التي وصفت بـ"التشقفية" معتمدة رسمياً بالرغم من التحفظات التي أبدتها وزارة المالية على التعديلات التي أجراها مجلس النواب على بعض بنودها.
إن التحدي الأول الذي يواجه الموازنة المعتمدة في إيراداتها على العوائد النفطية بحوالي 97 بالمائة هو الهبوط الحاد غير المسبوق لأسعار النفط. إذ يلاحظ أن سعر برميل النفط في الموازنة قُدر بـ(45) دولاراً، في حين أن سعره القياسي المتداول في الأسواق حالياً يقل عن 28 دولاراً فضلاً عن أن النفط الذي ينتجه العراق يباع فعلياً أقل بحوالي 5 دولارات عن السعر القياسي، وإذا اضفنا إلى ذلك حقيقة أن نصف هذا المبلغ على الأقل يذهب إلى الشركات النفطية نظير خدماتها في الانتاج، سنكتشف التدهور الكبير في العوائد النفطية بما له من انعكاسات خطيرة على الأوضاع العامة في البلاد.
لقد افترضت الموازنة حل المشكلات النفطية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، فأدرجت عوائد 300 ألف برميل من نفط كركوك و250 ألف برميل من نفط الإقليم، في حين أنه لغاية نشر قانون موازنة 2016 في الجريدة الرسمية لم يتم تصدير برميل واحد عن طريق شركة تسويق النفط العراقي (سومو)، وهذا تحدٍ ثانٍ تواجهه الموازنة لا يقل شأناً وتأثيراً عن الأول.
أما في الجنوب، فإن مجلس محافظة البصرة وبعض القوى المتنفذة فيها، رفضوا تطبيق قانون التعرفة الكمركية بدعوى أن فرض الضرائب على البضائع الداخلة إلى العراق سيحول وجهتها إلى تركياً ومنها إلى منافذ كردستان ولن تمر بموانئ ومنافذ البصرة!.
إن هذه التحديات الثلاث التي تواجه الموازنة ستلقي بضلالها على الأوضاع العامة في البلاد وستنعكس سلباً على النشاط الاقتصادي وستؤثر بشكل خاص على الفقراء الذين يشكلون نحو 30 بالمائة من عدد السكان وهم الحلقة الأضعف والأكثر تضرراً، بالاضافة إلى أن الموازنة خلت من فقرات مهمة مثل التعيينات وبعض الجوانب الخدماتية والاستثمارية بما يؤدي إلى انخفاض متوسط دخل الفرد وإضعاف قدرات البلاد في المجالات كافة.
إن العبرة الكبرى التي تعلمتها البشرية من تجاربها ولم يتنبه لها حكامنا مع الأسف هي في الخروج من الاقتصاد الريعي والاهتمام بالقطاعات الانتاجية الأساسية وبخاصة قطاعي الزراعة والصناعية اللتين بدون تنشيطهما تتبدد ثروة البلاد ويصبح مستقبلها رهين برميل النفط.