تفاصيل الخبر
انطلاق محادثات جنيف 3 بشأن المسألة السورية
2016-01-31
قال مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، في رسالة مفتوحة وجهها إلى الشعب السوري قبيل بدء انطلاق مباحثات جنيف3: "إننا نعوّل عليكم لتقولوا لمن يأتي إلى هذا المؤتمر: كفى للقتل والتعذيب والسجون ولتدمير المباني وقصف المدن، نحن بحاجة الآن إلى قدراتكم للوصول إلى حلّ وسط، إلى حل سلمي في سوريا...". وهي رسالة تلخّص مدى الصعوبات التي تجدها الأمم المتحدة والوسطاء الدوليون في جمع مختلف فرقاء الأزمة السورية حول طاولةٍ واحدة، وخاصة أطراف المعارضة المشتتة، وإقناع الجميع بالتنازل لتحقيق حل سلمي للأزمة المستمرة منذ خمسة أعوام.
إن الخلافات الكبيرة بين فصائل المعارضة التي يرى فيها كل طرفٍ نفسه ممثل المعارضة الحقيقي ويريد احتكار تمثيلها وإقصاء باقي الفصائل يبرر الشكوك المضمرة بنجاحها في رسالة دي ميستورا والمعلنة لدى بعض المراقبين والمحللين السياسيين، إذ أن فصائل المعارضة الموالية للمملكة السعودية وتركيا وافقت على الحضور إلى جنيف بعد تردد بمباركة سعودية ـ أميركية والتي كان الرفض حتى الدقيقة الأخيرة هو الموقف المعلن لكن بحلول ليل الجمعة غيرت الهيئة موقفها وأعلنت قبولها المشاركة في مؤتمر "جنيف 3" بعد حصولها على ضمانات بتلبية مطالبها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي ينص على إرسال مساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف قصف المدنيين. يأتي ذلك في وقت أصرّ فيه أمين عام تيار "قمح" هيثم مناع على عدم مشاركته في المحادثات إذا لم تتم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي وضعته تركيا في خانة "الإرهاب".
تعيش فصائل المعارضة بمختلف توجهاتها ومرجعياتها السياسية تشتتاً وانعداما للثقة ببعضها، بالإضافة إلى أن جلّ فصائلها لا تملك شيئاً على الأرض تقريباً لأن الوجود الفعلي على الأرض تتننازعه تنظيمات إرهابية تتصدرها "داعش" و"جبهة النصرة" و"جيش الإسلام" وغيرها، في حين أن الحكومة السورية تَحضّرت جيداً للمفاوضات واستطاعت قواتها المسلحة استعادة مناطق مهمة وستراتيجية وتمكنت بمساعدة التدخل الروسي من احباط خطة تركيا لإنشاء منطقة عازلة.
في ظل استمرار تناقض الرؤى بين النظام السوري والمعارضة، فإن حظ "جنيف 3" لن يكون على الأرجح مختلفا عن "جنيف 1" و"جنيف2"، لكن بصيص الأمل في الاتفاق على صيغة تسويةٍ سلمية يبقى قائماً إذا اقتنع الطرفان المتناحران بأنها البديل الوحيد لهذه الحرب التي أدت إلى مقتل نحو ربع مليون سوري، وشرّدت 11 مليونا آخر، وحوّلت المدن السورية إلى أنقاض، إذ أن على الأطراف المتناحرة أن تصل إلى قناعة تامة بفشل خيار الحسم العسكري بعد مرور 5 سنوات كاملة على بدء الصراع، وأنه لا طائل من الاستمرار فيه، فالأطراف المتصارعة لا تزال في حالة توازن عسكري في ظل الدعم الفعّال الذي يتلقاه كل طرف من حلفائه الإقليميين والدوليين، وليست هناك مؤشراتٌ حقيقية على قرب حسم الحرب لصالح طرف على آخر، وبالتالي فإن استمرار الحرب في ظل هذا الوضع سنواتٍ أخرى لا يعني سوى نهاية سوريا واستمرار مشاهد الموت والدمار وأفواج المهاجرين الذين يلفظهم البحر.