تفاصيل الخبر
كُنْ سياسيّاً لتربح!
2016-03-13
سعد تركي
بنهاية المطاف، لن يمكننا الإقرار بحقيقة نتغافل عنها دوماً، كما الخفافيش الهاربة من الضياء، فضوء الحقيقة الكاشف وأنواره التي تهتك الأستار يمكنها ايقاف القلب عن الحلم والأمل بحادثة معرفية. بنهاية المطاف، نستمر بتصديق كل أكذوبة، والسير إلى كلّ فخ يُنصب لنا، من دون أن نتعظ أو نرغب بالاتعاظ. سنذهب، ملء إرادتنا، إلى صناديق الاقتراع بحجة تغيير نعلم أنّه لن يكون.. بنهاية المطاف، نُدمي أصابعنا البنفسجيّة ندماً لأنّها لم تختر من بين المرشحين الأفضل والأكفأ والأصلح برغم علمنا ألاّ فاضل أو كفء أو صالح بينهم.. جميع المرشحين ساسة تعلّموا فنّ تحويل الخسارة إلى ربح مؤكد، مثلما أدرك تجّار السلاح أنّ الحروب التي لا يشعلونها تصبّ في مصالحهم أيضاً!!
أثبتت وقائع التاريخ في بلداننا أن الساسة وحدهم الرابحون، وأننا وحدنا من يخسر دوماً، قد يتقاتلون ويطيح بعضهم بسلطة آخر، ويحتال هذا على ذاك، غير أن الزمن يكفل لكلّ واحد منهم جائزة ينالها عاجلاً أو آجلاً. التاريخ يثبت أن السلطات، التي تعاقبت على مصائرنا ورقابنا، لم تختلف عن بعضها قيد أنملة مهما تنوعت الشعارات والرايات. السياسي المعارض الذي يشكو الظلم والفساد والعبودية، يتحول إلى ظالم وفاسد يتذمر من جهل وخيانة وتآمر (الرعاع) الذين يحكمهم.. من كان صديقاً للفقراء وفيّاً للوطن سيصم آذانه عن أوجاعهم وينهش بقايا وطن لم يبق من أرضه شبر واحد لم تسقها دموع ودماء أرامله وأيتامه وقتلاه!!
لا يمكن لتاجر، مهما كان حذقاً وذكياً، أن يربح دوماً، ولا تعطي الأرض لفلاّح كلّ سنة حصاداً طيباً برغم اجتهاده وحرصه، ولا يمكن التنبؤ بذريّة صالحة لكلّ أبّ أشفق على أولاده وعلمهم صالح الأعمال، لا يأمن الإنسان من العلل والأمراض إنْ أخذ لقاحاً ومصلاً. وحده من تعلّم فنّ الممكن يكسب على الدوام، فإنْ لم يكن ممكناً الفوز بمنصب ما فإنّ الجائزة لن تفوته أبداً، والكرسيّ الذي لم يجلس عليه اليوم سيتبوؤه غداً!!