تفاصيل الخبر
الوفاء بالوعود
2015-07-26
محمد أحمد
ليس ضروريا ايراد الامثلة التي يعيها كل انسان له المام بالمراقبة والمتابعة لما يجري على ساحة الدول الديمقراطية العريقة على مدى احترام السياسيين والتنفيذيين لتعهداتهم التي يصرحون او يعلنون الالتزام بتنفيذها ان كان ذلك اثناء الحملات الانتخابية وفوزهم بها او قبيل تسنمهم لمسؤولياتهم الوظيفية في مرافق الدولة واقدام الكثير منهم على الاعتراف بفشلهم في حالة التلكؤ او التعثر في تنفيذ تعهداتهم والاعتذار والالتزام بما يترتب على ذلك من الاستقالة في حالة العجز في ترجمة ما وعدوا به جماهير ناخبيهم، ما يضع هؤلاء المسؤولين في موضع الاحترام والاشادة بهم من قبل وسائل الاعلام والثناء على مواقفهم واجراءاتهم من قبل ناخبيهم ومؤيديهم. واذا ما قورن هذا بما عليه المسؤولون هنا، فعلى الرغم من فشلهم الذريع والمتكرر ان لم يكن الدائم بتنفيذ ما انيط بهم من واجبات فانهم بدل الاقرار بالحقيقة فانهم يلجؤون الى المكابرة والاصرار على اخفاقاتهم وتقديم التبريرات والاعذار الواهنة والسقيمة والعقيمة للهروب من وعودهم وتعهداتهم حين مواجهتهم بالحقائق وما الزموا انفسهم به. ولتعزيز هذا نستمد من الواقع مثلا على مدى اخلال المسؤولين بالتزاماتهم دون ان يروا في ذلك حرجا وتقديم الاعتذار للشعب مقرونا بالاسباب التي آلت لذلك بدلا من أن يسوقوا للمواطنين الكلايش الجاهزة التي سبقهم اليها الآخرون والمليئة بالاكاذيب وتزوير الحقائق. وزراء الكهرباء الذين تعاقبوا على سدة المسؤولية كل منهم قدم سقفا زمنيا لانهاء ازمة الطاقة الكهربائية وكان اخرهم وزير الحكومة السابقة الذي اعتبر عام 2013 نهاية ازمة الكهرباء وشاركه نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة الاسراف في الوعود حد القول ان العراق سيصبح نهاية العام المذكور من الدول المصدرة للكهرباء، وها نحن نلحظ ونتعاطى مع واقع مأساوي تراجعي ونسمع من حين لآخر اسطوانة الاعذار المشروخة جراء تكرارها عوضا عن الاعتراف بالفشل وتحمل مسؤولية وعود غير منطلقة من ارضية وركائز راسخة وقائمة على حقائق علمية وواقعية ما يجعل المواطن يمتلئ بالحنق والغضب عليهم.
ان ما يحدث الآن عائد في المقام الاول الى مفاهيم وقواعد العملية السياسية القائمة على تعذر الاطاحة بالفاشلين والعاجزين عن متابعة تنفيذ تعهداتهم المبنية اساسا على العقود والتزامات الشركات التي عهد اليها تنفيذ المشاريع الجديدة او صيانة القائمة وتحديثها لاستشراء الفساد المالي وايكال تنفيذ المشاريع لشركات غير مهنية او رصينة وحتى غير تخصصية وفشلهم وعدم امتلاكهم فن ادارة العلاقات مع هذه الشركات والزامها بتنفيذ تعهداتها في السقف الزمني المتفق عليه.
المسؤولون التنفيذيون الذين لا يحترمون تعهداتهم والوفاء بما الزموا انفسهم به والتنكر لثقافة الاعتذار والاعتراف بالاخطاء والهفوات مهما كانت مستويات تأثيراتها على الشعب والاستقالة، يصعب الثقة بهم والامل بنجاحهم وتقديم ما عليهم من التزامات.
ان الانسان الذي يبلغ هذا المستوى من الاصرار على التنكر لحقائق الواقع والنكوث بتعداته ووعوده يتعذر الوثوق به، وتوقع تطوير وتحديث ما عهد اليه من مسؤوليات، ولا طريق متاح له الا مغادرة موقعه وفسح المجال لغيره للتصدي للمهام التي عجز عن النهوض بها وانجازها على حسب ما عاهد الشعب عليه حين تسنم الوظيفة العامة، وتسليم المسؤولية لمن تتوافر فيهم الكفاءة والمهنية والاخلاص والنزاهة. لاسقاط مبدأ اطلاق الوعود جزافا وتحويلها الى كرتات عبور حيث الطموحات والآمال الشخصية غير المستحقة والمشروعة لافتقار مطلقها الى صدق الكلمة وقدرة الفعل على ما الزم نفسه بالعمل على تنفيذه.