تفاصيل الخبر
زينب 'فنانة الشعب' أول مخرجة في المسرح العربي
2015-08-09
عواد علي
تقول الباحثة الأكاديمية المصرية سامية حبيب، في لقاء صحفي نشرته مجلة الكويت (العدد: 359، سنة 2013) إن فاطمة رشدي "أخرجت مسرحيات عالمية لفرقتها في العشرينات والثلاثينات"، دون أن تذكر اسم مسرحية واحدة من المسرحيات التي أخرجتها.
وهو كلام يمكن التشكيك في دقته لأن فاطمة رشدي مولودة عام 1908، ومن ثم ليس من المعقول أن تكون مارست الإخراج المسرحي وهي في سن صغير، ولم تتلق تعليما في مدرسة. وقد كانت تعمل ممثلة خلال تلك الفترة مع فرق محترفة، مثل فرقة رمسيس ليوسف وهبي، وفرقتها التي حملت اسمها، والفرقة القومية التي تشكّلت عام 1935.
هذه الفرق التي كان يخرج مسرحياتها مخرجون درس بعضهم فن المسرح وتعلموا قواعده في أوروبا مثل: جورج أبيض وزكي طليمات وعزيز عيد ويوسف وهبي وفتوح نشاطي.
وحينما بحثت في تجربة هذه الفنانة وسيرتها وجدت أنها أخرجت مسرحية واحدة فقط هي "غادة الكاميليا" عام 1954 لفرقة المسرح العسكري المصرية التي تكونت بعد ثورة يوليو 1952، وألغيت بعد نكسة حزيران 1967.
أما اللبنانية لطيفة ملتقى المولودة في العام 1932، فقد بدأت تجربتها الإخراجية في النصف الأول من الستينات من خلال ملتقى "حلقة المسرح اللبناني"، وقد ساعدها زوجها أنطوان ملتقى في توجهها نحو الإخراج تاركة العمل في مجال تخصصها القانوني، أو مهنة المحاماة.
وفي هذا الصدد تقول إنها دخلت ميدان الإخراج للإسهام بجهدها المتواضع في تأسيس مسرح جاد ومتطور من حيث الشكل والمضمون بعدما تركت مهنة المحاماة واعتزلتها، اعتقادا منها بأن للمسرح دورا أكثر فاعلية، لأنه يؤدي إلى احتكاك مباشر مع الجمهور، ويغوص إلى عمق قضايا الإنسان وهواجسه الاجتماعية والثقافية.
وإثر تأسيسهما، هي وأنطوان، "فرقة المسرح الاختباري" أخرجت لطيفة المسرحيات المترجمة: "أنا ناخب"، "العالم يو"، "وصية كلب"، "عشرة عبيد زغار"، "زيارة السيدة العجوز" و"حرب بالطابق الثالث".
في العام 1953 كتبت زينب وأخرجت مسرحية بعنوان "زواج بالإكراه"، وقد أثارت المسرحية في حينها ضجة كبيرة
من الصحيح القول إن الريادة الفنية لاشتغال المرأة العربية في الإخراج المسرحي تنسب إلى ملتقى، لكن الريادة التاريخية لا تنسب إليها، كما يذهب بعض الباحثين، ومنهم الباحث الأكاديمي العراقي أحمد سلمان عطية، الذي يقول في بحث له عنوانه "جماليات المنظر المسرحي في عروض المخرجة المسرحية العراقية" (المنشور في مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية، العدد 2، المجلد 4، 2014).
وكتب عطية "إن لطيفة ملتقى تعدّ أول مخرجة مسرحية في الوطن العربي. فبعد أن اقتحمت فن الإخراج اشتغلت على خط التجريب.."، بل إن الرائدة الحقيقية هي الفنانة المسرحية العراقية الراحلة زينب (فخرية عبدالكريم) (1931 /1998)، التي عرفت بفنانة الشعب، وكانت من أعمدة "فرقة المسرح الفني الحديث" العريقة في العراق، التي يرأسها الفنان والكاتب المسرحي يوسف العاني، ومن أبرز الممثلات فيها إلى جانب زميلتها ناهدة الرماح.
وتشير بعض المراجع إلى أن زينب (الحاصلة على البكالوريوس في الأدب العربي عام 1952) كتبت مسرحية بعنوان "زواج بالإكراه"، وأخرجتها ومثلتها مع نخبة من معلمات وطالبات مدرسة "الرمادي" للبنات عام 1953. وقد أثارت المسرحية في حينها ضجة كبيرة، وتعرضت زينب بسببها إلى القذف والتشهير. كما أخرجت في ما بعد مسرحية "دون جوان" لموليير. وكانت تكتب، إلى جانب عملها في التمثيل، القصة القصيرة والتمثيليات الإذاعية. لكن بسبب تعرضها إلى المضايقات والتهديدات على يد الأجهزة الأمنية، ومنعها من الكتابة ودخول الإذاعة والتلفزيون في أواخر السبعينات، كونها ذات ميول شيوعية، اضطرت إلى مغادرة العراق عام 1979 لتعيش في المنافي متنقلة من بلد إلى آخر حتى استقرت أخيرا، قبل وفاتها، لاجئة في السويد.
رغم قسوة الاغتراب فقد واصلت زينب نشاطها المسرحي، وقدمت العديد من الأعمال المسرحية مع زوجها الفنان لطيف صالح في عدن ودمشق ويتبوري (مدينة في السويد). ومن أهم أعمالها المسرحية: "آنه أمك يا شاكر"، "رسالة مفقودة"، "الخال فانيا"، "الخان"، "الشريعة"، "تموز يقرع الناقوس"، "قسمة والحلم"، "الحصار" و"النخلة والجيران".
إضافة إلى "الخرابة"، "شعيط ومعيط وجرار الخيط"، "الينبوع"، "وحشة وقصص أخرى"، "الأم"، "مغامرة رأس المملوك جابر"، "بغداد الأزل بين الجدل والهزل"، "سواليف يا ليل"، "صور شعبية وصورة"، "فوانيس"، "شفاه حزينة"، "ثورة الموتى"، "المملكة السوداء"، "ستة دراهم"، "بيت برنا ردا ألبا"، "دون جوان"، "نفوس"، "صور جديدة"، "هاملت عربيا" و"أنا ضمير المتكلم".
وتذكر سيرة الفنانة زينب أنها كتبت مسرحية أخرى عام 1991 بعنوان "صور شعبية وصورة"، أنتجتها فرقة "سومر" في السويد، التي كانت مديرة فنية لها، وعرضتها في يوم المسرح العالمي.