تفاصيل الخبر
نايف حواتمة بعيونٍ عراقيّة
2016-03-06
سالم الزيدي
الجزء الثاني
للإنسان (خالد) ذكريات ومواقف في عِدَّة مدنٍ عراقية، ويتذكر الرفيق (كنعان الخشاب) عضو المكتب السياسي للحركة الاشتراكية في العراق (قائلًا): لم أنسَ ذلك اليوم؛ إذ قابلت الرفيق خالد في مدينة الموصل في ستينيات القرن الماضي وكان في مهمة مقابلة المرشحين؛ لنيل العضوية في حركة القوميين العرب؛ إذ طرح علينا عِدَّة أسئلة:
كم مرة نزفت دمًا؟
ما الكتب والمجلات التي تطالعها؟
هل شاركت في مظاهرات ضد السلطة؟
هل اعتقلت؟
هل أسهمت في كتابة شعارات على جدران البيوت في الموصل؟
هل لديك علاقات مع القوى السياسية العامة في الموصل؟
هل اعترفت بالتحقيق؛ نتيجة التعذيب أو الانهيار النفسي؟
وأسئلة وأسئلة أُخرى، وأكد أَنَّ قوة التنظيم تبدأ بعملية اختيار العضو وقدرته على تنفيذ برنامج الحركة.
وفي الذكرى الأولى لإعدام الضباط القوميين الشهداء (ناظم الطبقجلي وجماعته) كانَ خالدٌ على رأس التظاهرة التي انطلقت من منطقة (الجعيفر) في الكرخ، وتوجهت نحو وزارة الدفاع في جانب الرصافة، إذ جرت معركة بين المتظاهرين وقوات السلطة.
وفي 28 أيلول 1961 برزَ (خالد) بدوره المتميز والفعال في الغضب الجماهيري للقوميين في بغداد والمسيرة التي شهدتها يوم إعلان انفصال سورية عن الجمهورية العربيّة المتحدة، وكان يقود التظاهرة بشجاعةٍ وثباتٍ، حتّى وصلت أمام السفارة المصرية في الوزيرية، والمواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن والشرطة تشتد، وكيف جرت محاولة اعتقال الرفيق (خالد) في أثناء إلقاءه كلمة في المتظاهرين، مستنكرًا وشاجبًا الانفصال، وداعيًا الجماهير للثورة على النظام في العراق، إِلَّا أَنَّهُ تمكن من الهرب، واختفى لمُددٍ طويلة متنقلًا من منطقة إِلى أُخرى. وعلى إثر ذلك انتقل (خالد) إِلى مدينة الحلة بمحافظة بابل، إذ سكنَ في وكرَ لحركة القوميين العرب في بيت (إبراهيم نوري) وهو بيت متواضع في محلة (كريطعة) وهو حي شعبي، وكان يقضي أكثر أوقاته في القراءة والاتصال بالقيادات الميدانية لإدارة شؤون التنظيم في القطر، وأقام حلقة تنظيمية ثقافية تضمنت محاضرات في القضايا الفكرية، والاقتصادية، والسياسية، وشارك بالدورة كُلّ من: (عبود منجد العميدي، وعبدالرزاق طعمة، وإسماعيل إبراهيم العزاوي، وسلمان عبيد (الشهير بِاسْمِ سلمان المصور)، وإبراهيم نوري)، وألقى المحاضرات معه (عمر فاضل) صاحب مجلة الحرية اللبنانية، ويحدثنا المرحوم (خليل إبراهيم نوري) أَنَّ في ذاكرته صورٌ متواضعةٌ عن الأستاذ نايف حواتمة - خالد - الذي كانَ يتابعني ويسألني عن مستواي الدراسي، إذ كنتُ في الصف الرابع الابتدائي ومستواي الدراسي ضعيفًا، ولاسِيَّمَا في درس الإملاء، فأخذ الأستاذ (خالد) يملي عليَّ دروس الإملاء ويراجع معيّ دروسًا أُخرى، ولاسِيَّمَا التأريخ، فتحسن مستوياي كثيرًا.. وأحببت درس التأريخ، أَمّا الصورة الثَّانية فقد طلب مني ذات يوم أَنْ ارسم صورة من الذهن ولأي شيءٍ يخطر ببالي.. فرسمتُ مظاهرة! ولكنه نصحني أَنْ ارسم وردة أو شجرة في المرة القادمة.
وأضاف المرحوم (خليل إبراهيم): بعد عام أو أكثر سافرت إِلى بغداد مع والدي الذي استصحبني إِلى النادي الثقافي العربيّ، وهناك استقبلنا الأستاذ (خالد) بحرارة وشد على يدي مصافحًا بعزمٍ، والمفاجئة أَنَّهُ سألني عن دروسي ورسومي، وما أفكر به... وفي آذار 1963 وبعد اكتشاف الحركة الانقلابية لحركة القوميين العرب ضد سلطات البعث اُعتقل والدي والكثيرين من القوميين العرب، فضلاً عن عدد من العناصر القومية، وفي أثناء ذلك أتذكر أَنَّ رسالةً وصلت لنا من بيروت تحمل توقيع (خالد)، فذهبت إِلى والدي في التوقيف وقلتُ لَهُ ذلك، فقال لي: احتفظ بالكارت؛ لأَنَّها وثيقة مهمة وفي أدناه نّصّ الرسالة:
"الأخ إبراهيم نوري المحترم
الحلة - العراق
1923/5/23
عزيزي إبراهيم
تحية وبعد..
وعلى الأرض السلام.. وفي النَّاس المسرة..
هكذا تقول الصورة، ولكن لا علاقة لَهُ بحاضر الحياة، فجيلنا ابن المأساة، والباحث عن السلام مستقبلًا؛ فالذي لاشك فيه أَنَّ جهدنا جميعًا كفيل بالوصول إِلى الحياة العربيّة الموحدة التي يضمها كُلّ إطارات الخير والجمال، بورك في نضالكم المجيد لحياة عربيّة ديمقراطية موحدة.
وتحياتي إِلى أم خليل وإِلى الأسرة الكريمة التي احمل لها أَجمل الذكريات.
ودمتم للعروبة
خالد