مشكلة تفسير أسباب الإرهاب

“الناتو” يقترب أكثر من روسيا

الاتحاد الأوروبي يبتلع اتحاد المغرب العربي

الافتتاحية

هل تستفيد أحزاب الإسلام السياسي من تحولات حركة النهضة التونسية؟

  كتب المحرر السياسي
أعلن زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، في أيار الماضي، ان الحركة حريصة على فصل الدين عن الدولة، في خطوة غير مسبوقة في اوساط تيارات الاسلام السياسي التي تنتمي اليها النهضة، وقال رئيس الحركة راشد الغنوشي إن النهضة ستتحول إلى العمل في الحقل السياسي فقط. قرار الحركة بالفصل الكامل بين العمل الدعوي والسياسي في عملها يعني أنها ستتجه إلى التخصص الوظيفي، بحيث تتفرغ للعمل السياسي الميداني وتحال بقية النشاطات إلى المجتمع المدني.

ابحث في الموقع

التصويت

ما هو رأيك بالتصميم الجديد لموقع جريدة الجريدة؟
 ممتاز
 جيد
 مقبول

الساعة الآن

تفاصيل الخبر

لا يموت من يقطن التاريخ


2016-02-21

 علي محمد فخرو
إذن فقذ ترجل أحد فرسان صحافة العرب، وأحد شهود أهم وأروع وأبهر حقبة في تاريخ العرب الحديث، وأحد محللي وناقدي انتكاسة ذلك التاريخ وتدهوره السريع إلى مشارف الرُّعب والعبث وهوامش الحياة.
سيرته الذاتية تمتد من الصحافي البسيط المسافر في أرجاء المعمورة لتغطية الأحداث وإرسال التقارير، مرورا برئاسة تحرير أهم جريدة عربية وأقواها تأثيرا إبان الخمسينيات والستّينيات من القرن الماضي، جريدة الأهرام، مرورا بتقلّد مناصب وزارية في مصر ومنصب مستشار ورفيق قائد مصر وأمة العرب العروبي الثوري الاشتراكي الفذ جمال عبدالناصر، وانتهاء بالتفرُّغ للعب دور الكاتب الشّاهد على تاريخ الحقبة الناصرية وما كان حولها وما جاء بعدها، وانتهاء بدور المعقّب والمحلّل التلفزيوني لأحزان وآلام وأمراض أمته العربية وهي تدخل القرن الواحد والعشرين الجديد.
وفي أثناء ذلك كله ظل يلعب دور المثقف الملتزم بقضايا مجتمع مصر ومجتمعات العرب فكرا ومواقف وتثقيفا للملايين المعجبين المحبين
لقد قادته تلك السيرة الذاتية إلى بناء علاقات حميمة مع صناع القرار العرب وغير العرب، وعلى الأخص في أرض آسيا وأفريقيا. وقادت العلاقات الحميمة إلى الاطلاع على المخبأ والمغطّى بالأقنعة والمكياج، مما جعله في قلب السياسة، ولكن كصحفي وصاحب رأي في الدرجة الأولى، وليس كسياسي ممتهن.
لكن الكثير مما عرفه واطلع عليه وقابل أبطاله لم يجعله مؤرخا أكاديميا، فقد اختار أن يكون شاهدا على تاريخ هو يعيشه بغثه وسمينه.
وهكذا كان داعية لأهداف ثورة يوليو العظيمة ومساهما مساعدا فيما كتب القائد الملهم جمال عبدالناصر من مثل "فلسفة الثورة" وما ألقى من خطب تاريخية في المناسبات المفصلية.
وهكذا كان مؤلفا لكتب بالغة الأهمية التوثيقية التاريخية من مثل "خريف الغضب"، و"عبدالناصر: وثائق القاهرة" وغيرها.
وهكذا أيضا اختار أن يظهر في البرنامج التلفزيوني "مع هيكل" ليضيف الكثير إلى ما كتب فى عموده الأسبوعي الشهير "بصراحة" وما كتب في المطبوعة الصحفية الدورية "وجهة نظر، وما كتبه في مؤلفاته العديدة المليئة بالتفاصيل والحكايات والمقابلات والتحليلات.
ولم يخرج إبّان كل تلك الرحلات الصحفية والتأليفية والإعلامية والندوات التثقيفية عن التزامه القومي العروبي، إيمانا بوحدة أمة العرب وبوحدة وطن العرب. فأن يقول لأحدهم بأن من لا يحافظ على سوريا فإنه يفرط بمصر فتلك مقولة القومي العروبي الممتد بصره عبر أرض العرب كلها. وهو أيضا ما يفسر التصاقه الشديد بموضوع الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وبموضوع حركة نضال شعب فلسطين العربي لدحر الوجود الصهيوني وتحرير أرضه.
ما يوجع قلبي شخصيا أنني لم أر الصديق المرحوم منذ زمن طويل بسبب ما مر عليه وعلينا جميعا في أرض العرب من مصائب وانشغالات وصراعات أبعدت الإخوة والأحبة عن بعضهم البعض، وأشغلتهم وأنهكتهم بعوالم العبث ورد السهام. وهكذا افتقدت دفء صداقته الجميلة وابتسامته الرقيقة الحنون واتزان مشاعره ويقينيّاته إبان الملمات. وكان ذلك الافتقاد رمزا وإشارة لافتقاد دفء مصر الحبيبة وقاهرتها المتألقة بعبق التاريخ وبإمكانيات المستقبل العربي وبإدخال السّكينة عندما تزداد الشكوك والمخاوف. لكن ما يخفف الحزن أنه إذا كان المرحوم الكبير قد رحل فإن قاهرته التي أسهم في بناء روحها وطموحاتها وتجلّيات عروبتها هي باقية، وستبقى عبر العصور والأزمنة.
وما يأمله الملايين من العرب هو أن تتغير قاهرته وقاهرتنا في القريب العاجل من كونها، كما قال وكتب المرحوم عنها، قد أصبحت مسرح عرائس لتصبح، كما كانت، مسرح أحداث عظيمة يقودها شعب عظيم.
يا أيها الصديق الذي رحل، سيسأل الناس إن كانت لك أخطاء إبّان تلك السّيرة الغنيّة. وسيكون الجواب هو نعم، إذ لم تكن إلا بشرا مجتهدا وفاعلا، ولا يخطئ إلا الذين يحفرون في الواقع وفي التاريخ.
أمّا نحن، محبّوك، فإننا سنذكر إنجازاتك ومحاولاتك، وسنعرف أنك مثلما كتبت في التاريخ ستبقى أيضا في التاريخ طويلا، وستصبح مادة للمؤرخين.
أما الذين كرهوا الدرب النضالي الذي سرت فيه والرايات التي رفعتها في جوانبه فإنهم لن ينصفوك، بل سيهاجمون بدون وجه حق. لكن هذا قدر من يساهموا في صنع التاريخ ومن لا يخافون عيش أحداثه. ولقد كتبت يا صديقي يوما كتاب "زيارة جديدة للتاريخ" عن أناس لعبوا أدوارا مؤثرة في تاريخ مجتمعاتهم. اليوم من حقّك أن تلحق بهم كمؤثّر في تاريخ بلدك الحديث.
اذكروا محاسن موتاكم. هذا ما تعلمناه إياه الحكمة الإسلامية الرائعة.
نعم، نذكر محاسنك، وإنها لمحاسن كثيرة نستطيع نحن، وبرفقة زوجتكم وأبنائكم وأحفادكم وعائلتكم، أن نفاخر بها أمام أجيال أمتك ووطنك عبر سنين طويلة قادمة.
يا صديقي، عندما سأمرُ، طيلة ما بقي لي من عمر، على ذلك الجسر، فوق ذلك النهر، في قلب تلك المدينة، وأنظر إلى ذلك المبنى الذي طالما التقينا فيه، في أجواء الأحاديث والضحك والأمل، ستنزل دمعة الحزن والشوق، وسأتذكر.

المزيد من الاخبار

خريطة زوار الموقع

أحصائيات

عدد الزوار حاليا : 7
عدد زوار اليوم : 239
عدد زوار أمس : 230
عدد الزوار الكلي : 138917
مستشار العبادي يتهم متظاهرين بحمل “سيوف ومسدسات” الحسم “مرهون” بالمحكمة الاتحادية... عطلة البرلمان تؤخر جهود الحوار السياسي هل تستفيد أحزاب الإسلام السياسي من تحولات حركة النهضة التونسية؟ الالتفاف على الديمقراطية التشاركية في تونس مشروع البرنامج السياسي المقترح للاتحاد الديمقراطي العربي / الجزء الثاني الحركات التكفيرية وقابلية التوظيف: أزمات ذاتية وتراث مُشوّه انتخابات أَمْ تحوّلات في المجتمع الأميركي؟! أوجاع وآلام النخبة العربية الضائعة فرطت في ربيع شعوبها “ثلاجات اجتماعية”توفر الغذاء للمحتاجين في الأرجنتين