الحريات المخنوقة في تركيا

القانون لن يحمي الفلسطينيين

العبادي: 2016 عام التخلص من الإرهاب عسكرياً

الافتتاحية

انطلاق محادثات جنيف 3 بشأن المسألة السورية

  قال مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، في رسالة مفتوحة وجهها إلى الشعب السوري قبيل بدء انطلاق مباحثات جنيف3: "إننا نعوّل عليكم لتقولوا لمن يأتي إلى هذا المؤتمر: كفى للقتل والتعذيب والسجون ولتدمير المباني وقصف المدن، نحن بحاجة الآن إلى قدراتكم للوصول إلى حلّ وسط، إلى حل سلمي في سوريا...". وهي رسالة تلخّص مدى الصعوبات التي تجدها الأمم المتحدة والوسطاء الدوليون في جمع مختلف فرقاء الأزمة السورية حول طاولةٍ واحدة، وخاصة أطراف المعارضة المشتتة، وإقناع الجميع بالتنازل لتحقيق حل سلمي للأزمة المستمرة منذ خمسة أعوام.

ابحث في الموقع

التصويت

ما هو رأيك بالتصميم الجديد لموقع جريدة الجريدة؟
 ممتاز
 جيد
 مقبول

الساعة الآن

تفاصيل الخبر

علي بدر يحاكم في 'الكافرة' التشدد الديني والعنف الجسدي


2015-12-27

 عمار المأمون
مازال الجسد في العالم العربي مُحرماً، هشاً، وبسهولة ينقلب إلى موضوعٍ للعقاب والتعنيف بوصفه حاملاً للخطيئة، ليبدو الفصام الذي يعيشه العربي مع جسده واضحاً، وخصوصاً في ظل تقنيات العنف الممارسة ضد هذا الجسد، بوصف الأفكار المرتبطة به تحدده كوسيط فقط، لا مركزاً للوجود.
كما يُعتبر مؤقتاً من جهة، أو متاعاً من جهة أخرى وخصوصاً فيما يتعلق بالمرأة بوصفها شرفاً وعيباً، لتكتسب وضعية بوصفها كائناً للجنس، وملكية ضائعة يجب على الرجل المطالبة بها، فمهمة الأنثى تتمحور حول الحفاظ على هذه الملكية الهشة المتمثلة بالعفّة، هذه المقاربات يطرحها الروائي العراقي علي بدر في روايته الجديدة "الكافرة"، الصادرة عن منشورات المتوسط في إيطاليا، وفيها يحكي بدر قصة فاطمة التي تصبح صوفي، كاشفاً سيرورة العنف الذي شهدته في موطنها حتى وصولها إلى بلجيكا.
تستفز الرواية قارئها منذ العنوان، وَسم الكافرة الذي تُعنون به الرواية يختزن كلفظٍ العنف والوَسم الدوني الذي قد تناله المرأة بوصفها كافرة، منبوذةً خارج رحمة المقدس وسلطته لتتحول لعدو له وعرضة للرجم أو القتل أو السبي، وهذا ما يحصل مع فاطمة الفتاة الصغيرة المنقّبة التي كانت تقاسي الأمرّين في منزلها، إذ نراها أشبه بـ"عيب" ضمن أسرتها بوصفها فقط أنثى، ومحكومة بالقهر فقط لجنسها.
يبدأ التحوّل في حياة فاطمة بعد موت والدها، إذ تبدأ باكتشاف جسدها والتغيرات التي يمر بها وصفها وتتحول لامرأة، يتزامن ذلك مع بدء ثورتها ضد سلطة العنف المُذكر، حين تَشهد أول حادثة رَجم لامرأة في بلدتها التي احتلها المتشددون، لتتبنى لنفسها لقب الكافرة، بوصفها السمة التي نعت بها المتشددون ضحيتهم التي رجموها.
البلاد المجهولة التي لا اسم لها، جغرافيا العنف والقهر المرتبطة بالأنثى لا يحدد علي بدر معالمها أو مكانها، ففاطمة قد تكون في أيّ منطقة عربيّة تخضع للتشدد، لسطوة المقدس الذكوري بوصفه المهيمن، والرافض لجسدها الأنثوي الذي بدأ بالتفَتح، إلا أن خراب العقول الذكورية في تلك المنطقة سيمارس انتهاكه لجسد فاطمة، فهي تَتزوج من شاب تحبه بدايةً إلا أن الأمر ينتهي به بتفجير نفسه لأجل الحوريات، ثم أثناء هربها إلى أوروبا لتلجأ هناك، تتعرض للاغتصاب من قبل المهرّب، وحين تصل إلى أوروبا تبدأ الهوية التي تحملها في جسدها وتكوينه بالتأثير عليها، فتتعرض للضرب من قبل مهاجرين آخرين، وكأن هويات الجسد لا يمكن الفكاك منها بتغير الجغرافيا، ففاطمة ضحية وجودها ذاته، وكأن العار جزء عضوي منها مثل اليد أو الساق.
تتحول فاطمة إلى صوفي، وتعيش مغامرات جنسية كثير مع العديد من الرجال، في محاولة لغسيل ذاكرة العنف واستبدالها بأخرى تعيد لها الاعتراف بجسدها الذي حُفر في رأسها مفهوم كراهيته بوصفه عيباً وخصوصاً أن زوجها فجّر نفسه لأجل حوريات الجنة، إلا أنها تقع في حب شخص آخر، أيضاً يحمل مأساة، أدريان، الهارب من الحرب الأهلية في لبنان، والذي نراه أيضاً شاهداً على العنف الجسدي بصورة أخرى.
فوالده ذبح عائلة مسلمة حينما كان ينتمي لميليشيا مسيحية بعد أن قتلت ميليشيا مسلمة أُخته، ليهاجر بعدها ويفقد عقله ثم ينتحر بسبب نجاة فتاة صغيرة من الأسرة التي قتلها، والتي تكتشف صوفي أن أدريان بحث عنها ليتزوجها، فمشاعره تجاهها تتحول من كونها ضحية ومركز انتقام أبيه إلى الحب المشوب بالشفقة، في محاولة منه للتخلص من العار والكوابيس عبر الحلول فيها، فيتزوجها وينجب منها طفلة، إلا أنه ما يلبث أن يهجرهما ليقيم في بروكسل بعد أن عادت لزوجته كوابيس ليلة نجاتها من القتل، في بروكسل يتعرف على صوفي، وكأن هناك قوى تجذب الممسوسين بلوثة الماضي، المقموعين والمهمشين ولا بد أن يتلاقوا، فلا يمكن الانسلاخ عمّا حدث وعن ذاكرة الموت.
نقرأ حكاية فاطمة-صوفي على مستويين، إذ نرى صوفي تجلس بجانب أدريان في المستشفى بعد أن وقع له حادث سيارة، لتفصح له عن ماضيها، عن التحولات التي مرّت بها من فاطمة لتصبح صوفي، في حين في فصول أخرى نرى الراوي هو الذي يستدعي الحاضر، حيث نشاهد فاطمة وهي تذهب لمنزل أدريان لتكتشف ماضيه تباعاً، ثم تعود إليه وتتعمق في الاعتراف.
نهايةً، وبعد أن تقرر أن تودّعه، نراها تبوح له بكل شيء، وخصوصاً أن زوجته زارته، وهي الأخرى تشاركهما تاريخ العنف والموت، بوصفها الفتاة التي نجت من الموت لكنه مازال يطاردها لتوهّمها أن القاتل سيعود لنال من ابنتها هذه المرة، فهي لا تعلم أن والد أدريان هو الذي قتل أسرتها وحاول قتلها، فأدريان حاول عزلها عن هذه الحقيقة، إلا أن الموت و ذكراه لا يمكن أن تمحى، هو أشبه بخلل جيني، لا يمكن الخلاص منه.
التشدد الديني والذبح العقائدي هو الذي حكم على الشخصيات الثلاث بأن تكون مأساويّة، بأن تتحول أجسادها إلى ضحايا للأفكار المتخيّلة عن الجنة والحياة والموت، وغياب التحديد لبلاد فاطمة الذي يلجأ إليه بدر ويجعل جغرافية الموت التي جاءت منها الكافرة مفتوحة على كافة الاحتمالات، يمكن لأيّ مكان في المنطقة العربية أن يكون بلاد فاطمة.
كذلك نرى صيغة الاعتراف التي تلجأ إليها فاطمة مشابهة لتلك التي مر بها والد أدريان سابقاً في الوثائقي الذي شاهدته فاطمة، فاعترافه انتهي به إلى الجنون ثم الانتحار، إلا أننا لا نعرف مصير فاطمة، إذ يبقى معلّقاً، فبعد زيارتها الأخيرة لأدريان تَسكر وتشرب نخب الرجال الذين يريدون التسلل إلى سريرها، اعترافاً أخيراً منها بأنها مازالت موضعاً للشهوة فقط، حتى هويتها الجديدة كصوفي لم تغيّر حقيقة وصفها محطّة لشبق الرجال بوصفها دوماً ستكون ضحية الشهوة الذكوريّة.

المزيد من الاخبار

خريطة زوار الموقع

أحصائيات

عدد الزوار حاليا : 8
عدد زوار اليوم : 90
عدد زوار أمس : 161
عدد الزوار الكلي : 112895
انطلاق محادثات جنيف 3 بشأن المسألة السورية أوباما يدرس إرسال قوات “كوماندوز” تقاتل الى جانب الجيش العراقي والبيشمركة المياه النيابية تتهم اميركا والحكومة بالتقاعس عن معالجة سد الموصل وفد اقليم كردستان برئاسة بارزاني يصل الى بغداد الانتخابات الأميركية.. المنافسة بدأت! تونس.. للياسمين رائحة الدم أنقرة واشنطن.. استمرار الخلافات مشكلة غياب المعارضة الرشيدة “خارج الخدمة”’.. رؤية سينمائية مصرية مخيفة للتدهور نجيب محفوظ.. درس الكتابة والحياة